لا مشاحّة في الاصطلاح


حين تستخرج مسائل العلم احرص على صياغتها بألفاظك التي تؤدّي ما فهمته. لا يكنْ أكبرُ همّك الإتيانَ بألفاظ الشيخ أو الكتاب، فإنّه لا مشاحة في الاصطلاح -كما يقال-. صياغتك للمسألة دليلُ فهمك، وعجزك عن ذلك دليل عدم فهمك، مهما أوهمتك نفسك أنّك تفهمها. قد يؤدّيها غيرك بألفاظها لا تتلّع، غير أنّه إذا كان لا يفهمها فسرعان ما ستتفلت منه أو يتفلت بعضها، بل ربما لو نسي كلمة واحدة لأفسدت تسلسل الحفظ لديه فانقطع. فمَثَلُه كمثل من بنى بيتا كلّ لبنة فيه تعتمد على ما حولها، ورغم علوّه وبهاء منظره فيكفي أن تسلّ منه لبنة واحدة ليخرّ إلى أساساته. أمّا صاحب الفهم فقد لا يكون بيته في جمال بيت الأول ولكنّه كطود راسخ فما أصعب أن يسقط منه ركن فضلا على أن يخرّ جميعا.

مع ذلك يبقى الجمع بين الحفظ والفهم هو الكمال في كل علم وفنّ، فضبط الألفاظ والمصطلحات في كلّ فنّ من الفنون له فوائد جمّة، منها على سبيل المثال لا الحصر : الدقّة والاستيعاب وسهولة التخاطب بها مع أرباب كلّ فنّ.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة